الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وليتلطف} في اختفائه وتحيله مدخلًا ومخرجًا.وقال الزمخشري: وليتكلف اللطف والنيقة فيما يباشره من أمر المبايعة حتى لا يغبن، أو في أمر التخفي حتى لا يعرف انتهى.والوجه الثاني هو الظاهر. وقرأ الحسن: {وليتلطف} بكسر لام الأمر، وعن قتيبة الميال {وليتطلف} بضم الياء مبنيًا للمفعول. {ولا يشعرن} أي لا يفعل ما يؤدي من غير قصد منه إلى الشعور بنا، سمي ذلك إشعارًا منه بهم لأنه سبب فيه.وقرأ أبو صالح ويزيد بن القعقاع وقتيبة {ولا يشعرن بكم} أحد ببناء الفعل للفاعل، ورفع أحد.والضمير في {أنهم} عائد على ما دل عليه المعنى من كفار تلك المدينة.وقيل: ويجوز أن يعود على {أحدًا} لأن لفظه للعموم فيجوز أن يجمع الضمير كقوله: {فما منكم من أحد عنه حاجزين} ففي حاجزين ضمير جمع عائد على أحد.وقال الزمخشري: الضمير في {أنهم} راجع إلى الأهل المقدر في {أيها} والظهور هنا الإطلاع عليهم والعلم بمكانهم، وقيل: العلو والغلبة.وقرأ زيد بن عليّ {يظهروا} بضم الياء مبنيًا للمفعول، والظاهر الرجم بالحجارة وكان الملك عازمًا على قتلهم لو ظفر بهم، والرجم كان عادة فيما سلف لمن خالف من الناس إذ هي أشفى ولهم فيها مشاركة.وقال حجاج: معناه بالقول يريد السب وقاله ابن جبير {أو يعيدوكم} يدخلوكم فيها مكرهين، ولا يلزم من العود إلى الشيء التلبس به قبل إذ يطلق ويراد به الصيرورة {ولن تفلحوا} إن دخلتم في دينهم و{إذًا} حرف جزاء وجواب، وقد تقدم الكلام عليها وكثيرًا ما يتضح تقدير شرط وجزاء.{وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}.قبل هذا الكلام جمل محذوفة التقدير فبعثوا أحدهم ونظر أيها أزكى طعامًا وتلطف، ولم يشعر بهم أحدًا فأطلع الله أهل المدينة على حالهم وقصة ذهابه إلى المدينة وما جرى له مع أهلها، وحمله إلى الملك وادعائهم عليه أنه أصاب كثيرًا من كنوز الأقدمين، وحمل الملك ومن ذهب معه إليهم مذكور في التفاسير ذلك بأطول مما جرى والله أعلم بتفاصيل ذلك، ويقال عثرت على الأمر إذا اطّلعت عليه وأعثرني غيري إذا أطلعني عليه، وتقدم الكلام على هذه المادة في قوله: {فإن عثر على أنهما استحقا إثمًا} ومفعول {أعثرنا} محذوف تقديره {أعثرنا عليهم} أهل مدينتهم، والكاف في {وكذلك} للتشبيه والتقدير وكما أنمناهم بعثناهم لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم، والضمير في {ليعلموا} عائد على مفعول {أعثرنا} وإليه ذهب الطبري.و{وعد الله} هو البعث لأن حالتهم في نومهم وانتباهتهم بعد المدة المتطاولة كحال من يموت ثم يبعث و{لا ريب} فيها أي لا شك ولا ارتياب في قيامها والمجازاة فيها، وكان الذين أعثروا على أهل الكهف قد دخلتهم فتنة في أمر الحشر وبعث الأجساد من القبور، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه.وقالوا: تحشر الأرواح فشق على ملكهم وبقي حيران لا يدري كيف يبين أمره لهم حتى لبس المسوح وقعد على الرماد، وتضرع إلى الله في حجة وبيان، فأعثر الله على أهل الكهف، فلما بعثهم الله تعالى وتبين الناس أمرهم سرّ الملك ورجع من كان شك في أمر بعث الأجساد إلى اليقين، وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله: {إذ يتنازعون بينهم أمرهم} و{إذ} معمولة لأعثرنا أو {ليعلموا}.وقيل: يحتمل أن يعود الضمير في و{ليعلموا} على أصحاب الكهف، أي جعل الله أمرهم آية لهم دالة على بعث الأجساد من القبور.وقوله: {إذ يتنازعون} على هذا القول ابتداء خبر عن القوم الذين بعثوا على عهدهم، والتنازع إذ ذاك في أمر البناء والمسجد لا في أمر القيامة.وقيل: التنازع إنما هو في أن أطلعوا عليهم.فقال بعض: هم أموات.وقال بعض: هم أحياء.وروي أن الملك وأهل المدينة انطلقوا مع تمليخا إلى الكهف وأبصروهم ثم قالت الفتية للملك: نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والإنس ثم رجعوا إلى مضاجعهم، وتوفى الله أنفسهم وألقى الملك عليهم ثيابه، وأمر فجعل لكل واحد تابوت من ذهب، فرآهم في المنام كارهين للذهب فجعلها من الساج، وبنى على باب الكهف.والظاهر أن قوله: {ربهم أعلم بهم} من كلام المتنازعين داخل تحت القول أي أمروا بالبناء وأخبروا بمضمون هذه الجملة كأنهم تذاكروا أمرهم وتناقلوا الكلام في أنسابهم وأحوالهم، ومدة لبثهم فلما لم يهتدوا إلى حقيقة ذلك قالوا {ربهم أعلم بهم}.وقيل: يحتمل أن يكون من كلام الله تعالى رد القول الخائضين في حديثهم من أولئك المتنازعين أو من الذين تنازعوا فيه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب، والذين غلبوا.قال قتادة: هم الولاة.روي أن طائفة ذهبت إلى أن يطمس الكهف عليهم ويتركوا فيه مغيبين، وقالت الطائفة الغالبة: {لنتخذن عليهم مسجدًا} فاتخذوه.وروي أن التي دعت إلى البنيان كانت كافرة أرادت بناء بيعة أو مصنع لكفرهم فمانعهم المؤمنون وبنوا عليهم مسجدًا.وقرأ الحسن وعيسى الثقفي: {غلبوا} بضم الغين وكسر اللام، والمعنى أن الطائفة التي أرادت المسجد كانت تريد أن لا يبني عليهم شيء ولا يعرض لموضعهم.وروي أن طائفة أخرى مؤمنة أرادت أن لا يطمس الكهف، فلما غلبت الأولى على أن يكون بنيان ولابد قالت يكون {مسجدًا} فكان.وعن ابن عمر أن الله عمى على الناس أمرهم وحجبهم عنه فذلك دعاء إلى بناء البنيان ليكون معلمًا لهم. اهـ.
|